فكوا عني الشراك
و احتضنني مصيري الجديد
كنت أتوهم في أعينهم
الشماتة و الهجران
كنت أحسب للسخرية
في أعينهم عنوان
كنت أعتقد أن حقدي القديم
يجرهم في دوامته
فيحسن الدوران
و يصبح للصاع صاعان
وكنت وكنت ....
وحين امتدت الأذرع لحملي
والحب في نظراتهم و الإحسان
ذابت مخاوفي
سكن المارد و اضمحل
أصبح قزما بعد طول عدوان
تسرب خجولا من بين أصابعي
سريع السيلان
لأول مرة أتفقد أنفاس مشاعري
فحين أصبح عجزي بجسدي
و حين انكسرت في الحقد شوكتي
أصبح إحساسي جارفا كالطوفان
و حين بت واهنة كالسلفان
تغير الكون تحت جلدي
شعرت بالجزر و المدِ
أفكار لم أعرف لها خلجان
لأول مرة أنا إنسان
لأول مرة أحس الأمان
لأول مرة أريد وأفكر و أشاء
لكن بحساب و حسبان
....
خرجت من قوقعتي
من بياض المكان
إلى قزحية الحياة
تدحرجت فوق مصيري
مقتنعة بدوري الجديد
وفي جعبتي الكثير من التحديد
صفحات حلوة المصاغ
كحب الرمان
....
لماذا ضوء الشمس أصبح مميزا
لماذا نور الصبح فيه ألوان
و هذه الأشجار حول بيتنا
كيف لم أر فروعها
و لا كان لها أغصان و لا أفنان
و جارتنا الحبيبة
كم هي رقيقة و جميلة
في يدها طبق حلوى
تمدها نحوي باسمة
و لؤلؤتان تلمعان
كيف لم ألحظ شعرها الحريري
متى أصبحت لها غمازتان
....
أخي الصغير يرتمي في بالأحضان
كم هو رائع هذا الملاك
كم هي حلوة شقاوته
هل كبر فجأة
متى قبلته آخر مرة
....
أتدحرج فوق مصيري
حتى ألتصق بساقي والدي
يقف مشدوها
فأسقط على الركبتين
و أقبل القدمين
أبكي
أنتحب
أشهق حتى الذوبان
أول غيث حنان
أطلب الصفح و الغفران
فينحني أبي يجذب إليه
جدعا مستسلما
خائفا كالحملان
يحملني بين ذراعيه
و القلب كسير و جريح
يبتسم في ترقب
و يضع بين يدي قرآن
أنظر إلى هذا و ذاك
أساله بنظراتي فيقول
هذا الملاذ...هذا الملاذ
يفتح نافذتي الحزين
أول مرة تطل نافذتي على الحياة
يقبلني شعاع الشمس
فلا أثور كالمعتاد
افتح الكتاب
فيرتل قلبي و تسمع أوصالي
و تبكي أيامي حقدها على العباد
و إذا بالنور في كياني يتجدد
و إذا بالتوبة ترفعني
لعنان السماء و تردد:
قل أعوذ برب الفلق
من شر ما خلق
من شر غاسق إذا وقب
و من شر النفاثات من العقد
و من شر حاسد إذا حسد.
.
انتهى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق